طرق وإجراءات وضع الدستور الجزائري تعديله وانهائه

مقدمة  

  يمثل الدستور الوثيقة الأسمى في البلاد، يتضمن مجموعة القواعد القانونية التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وطبيعة العلاقة بين السلطات واختصاصاتها، وكذلك القواعد التي تبين حقوق الأفراد وحرياتهم وضماناتها.

وبما أن الدستور يشكل الوثيقة الأسمى في البلاد ، فإن كل القوانين التي تندرج تحته في الهرم القانوني لابد أن لا تكون مخالفة لأحكامه، وإلا جاز الطعن بعدم دستوريتها.

محتويات مقال طرق وضع الدستور الجزائري تعديله وانهائه

مقدمة

المبحث الأول: طريقة وضع الدستور في الجزائر

المطلب الأول: طريقة الجمعية التأسيسية

المطلب الثاني: أسلوب الاستفتاء الدستوري

المبحث الثاني: طريقة تعديل الدستور في الجزائر

المطلب الأول: الطريقة الوجوبية لتعديل الدستور

المطلب الثاني:الطريقة التقديرية لتعديل الدستور

المبحث الثالث: طرق إنهاء الدستور في الجزائر

المطلب الأول: الطرق العادية

المطلب الثاني: الطرق غير العادية

خاتمة


المبحث الأول: طريقة وضع الدستور في الجزائر

    شهدت الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا اربع دساتير وهي دستور: 1963, 1976, 1989, 1996 اعتمدت في وضعها على طريقتين.

المطلب الأول: طريقة الجمعية التأسيسية

    وفيها يتم إنشاء جمعية تأسيسية تتولى مهمة وضع الدستور، وهي الطريقة التي وضع بها دستور 1963، وذلك بموجب القانون الذي صدر بتاريخ 2 سبتمبر 1962 الذي حدد لمجلس الوطني التأسيسي ثلاث مهام رئيسية وهي: وضع الدستور تعيين حكومة مؤقتة، التشريع باسم الشعب الجزائري.

المطلب الثاني: أسلوب الاستفتاء الدستوري

    في هذا الأسلوب لا يمكن اعتبار الدستور ساري النفاذ إلا إذا وافق عليه الشعب، وفيه يتم إعداد الدستور من قبل لجنة حكومية أو لجنة خبراء، يتم تعيينها من قبل رئيس الدولة  وقد اتبع هذا الأسلوب في وضع الدساتير الجزائرية لسنة: 1976 1989, 1996.

    وتجذر الإشارة إلى أن دور الشعب في هذا الأسلوب يقتصر على الموافقة على كامل النص المعروض عليه أو رفضه، دون إمكانية مناقشته او تعديله أو المشاركة في صياغته.

المبحث الثاني: طريقة تعديل الدستور في الجزائر

    يقصد بتعديل الدستور إدخال تغيير جزئي على ما تضمنته وثيقته الأصلية من نصوص ومواد، وذلك بتغير مضمون بعضها أو إلغاء بعضها الآخر مع إمكانية إضافة  أحكام جديدة لم تكن موجودة من قبل. 

المطلب الأول: الطريقة الوجوبية لتعديل الدستور

    بالرجوع إلى الدساتير الجزائرية نجد أن هناك مراحل تسبق عملية الإقرار النهائي لتعديل الدستور.

اولا: مرحلة المبادرة بالتعديل الدستوري

    تمثل المرحلة الأولى في تعديل الدستور الجزائري ، وقد اسند هذا الحق في دستور 1963 إلى كل من رئيس الجمهورية الأغلبية المطلقة لنواب المجلس الشعبي الوطني المادة 71، واسند في دستوري  1976 و1989 إلى رئيس الجمهورية وحده المادة 191، 163، واسند في دستور 1996  إلى كل من رئيس الجمهورية وثلاثة ارباع أعضاء غرفتي البرلمان مجتمعتين المادة 208، 211.

 ثانيا: مرحلة تصويت البرلمان على مشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري

    نصت المادة 72 من دستور 1963 على أنه " يتضمن إجراء تعديل الدستور تلاوتين وتصويتين بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس الشعبي الوطني يفصل بينهما شهرين "، اما دستور 1989 في المادة 165، ودستور 1996 في المادة 208، فقد نصا على أن البرلمان يصوت عليه حسب نفس الشروط التي تطبق على النص التشريعي، بينما لم ينص دستور 1976 على هذه المرحلة اطلاقا.

ثالثا: مرحلة عرض مشروع التعديل الدستوري على المجلس الدستوري لإبداء رأيه فيه

    هذه المرحلة نص عليها كل من دستور 1989 في المادة 164، ودستور 1996 في المادة 210، ولم ينص دستور 1963 على وجوب عرض مشروع التعديل على المجلس الدستوري رغم أنه نص على إنشائه، بينما عدم وجود هذه المرحلة في دستور 1976 فهو منطقي لأنه لم يتضمن النص على إنشاء المجلس الدستوري.

رابعا: مرحلة الإقرار النهائي لنص التعديل الدستوري 

    نكتفي هنا بتحديد الطريقة الوجوبية التي يتعين احترامها والامتثال لها في إقرار وثيقة التعديل الدستوري نهائيا. وهذه الطريقة تتمثل في وجوب عرض نص التعديل الدستوري على:

- مصادقة الشعب عن طريق الاستفتاء الشعبي، وهذا في كل الأحوال بالنسبة إلى دستور 1963 (المادة 73). 

- مصادقة المجلس الشعبي الوطني، في كل الأحوال، لكي يوافق عليه بأغلبية ثلثي أعضائه، وإذا تعلق التعديل بالأحكام الخاصة بتعديل الدستور في ذاتها فإن المجلس الشعبي الوطني لا يقره إلا بأغلبية ثلاثة أرباع (4/3) أعضائه، وهذا بالنسبة لدستور 1976 (المادتين 192 و193)، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إلى وبالرغم من أن دستور 1976 لم يتضمن نصا صريحا على إمكانية عرض مشاريع التعديل الدستوري على الاستفتاء الشعبي، إلا أنه في الواقع قد تم اعتماده في مناسبتين، الأولى كانت في استفتاء 03 نوفمبر 1988  والثانية كانت في استفتاء 23 فبراير 1989، وهما ما طرح آنذاك شكوكا حول مدى دستورية هذا الإجراء، وإن كان قد تم الاستناد إلى 111 من الدستور 1976 التي تخول لرئيس الجمهورية أن يعمد لاستفتاء الشعب في كل القضايا ذات الأهمية الوطنية، وذلك للقول بدستورية القيام بهذين الاستفتائين.       

- مصادقة الشعب في استفتاء شعبي، وهذا متى ارتأى المجلس الدستوري في رأي معلل بأن نص التعديل يمس بأي كيفية بأحد أو بكل ما أوردته المادة 164 من دستور 1989 والمادة 210 من دستور 1996، وهي: المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما والتوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية. وعليه فرئيس الجمهورية أو البرلمان، بحسب الحالة، ليسا مخيرين في هذه الفرضية بخصوص  اللجوء إلى الاستفتاء من عدمه وإنما يجب عرض نص التعديل على الاستفتاء الشعبي في ظرف خمس وأربعين (المادة 165 من دستور 1989) أو في ظرف خمسين يوما (المادة 208 من دستور 1996) من إقرار البرلمان له من أجل إقراره نهائيا لأن المجلس الدستوري رأى فيه مساسا بأحد تلك المسائل الثلاث أو كلها. وللإشارة، فإن التعديل الذي يرفضه الشعب يعتبر لاغيا، ولا يمكن عرضه من جديد على الشعب خلال نفس الفترة التشريعية (المادتين 166 من دستور 1989 و209 من دستور 1996). 

خامسا: مرحلة إصدار نص التعديل الدستوري بعد إقراره نهائيا

    وهي آخر مرحلة حتى يصبح نص التعديل الدستوري ساري النفاذ بحيث يتدخل رئيس الجمهورية لإقراراه خلال 8 أيام الموالية لتاريخ الاستفتاء، وذلك حسب المادة 74 من دستور 1963،  والمادة 196 من دستور 1996، والمادة 163 و167 من دستور 1989، والمادة 208 من دستور 1996.

المطلب الثاني: الطريقة التقديرية لتعديل الدستور

    نصت كل من المادتين 164 من دستور 1989 و210 من دستور 1996 على أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي متى أحرز على ثلاثة أرباع أصوات أعضاء البرلمان، وهذا إذا جاء رأي المجلس الدستوري يصب في اتجاه عدم مساس هذا التعديل  البتة بالمبادئ العامة للمجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، وعدم مساسه كذلك  بأي كيفية كانت التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد نصت المادة 211 من دستور 1996 على أنه يمكن لثلاثة أرباع  أعضاء غرفتي البرلمان المجتمعتين معا أن يبادروا باقتراح تعديل الدستور على رئيس الجمهورية الذي يمكنه عرضه على الاستفتاء الشعبي.

المبحث الثالث: طرق إنهاء الدستور 

    يقصد بإنهاء الدستور وضع حد لآثاره نهائيا مما لا يسمح بإمكانية العمل به مجددا، أي بمعنى إلغائه وإخراجه من حيز النفاذ.

وهذا يختلف عن ما يسمى بوقف أو تعليق العمل بالدستور الذي يتم اللجوء إليه بشكل مؤقت في ظروف يتعذر فيها الإبقاء على الدستور ساري النفاذ، وذلك عندما تكون الدولة مهددة في كيانها ووجودها، أين يتم تجميع كل السلطات بيد رئبس الدولة.

وتنقسم طرق إنهاء الدستور من حيث طبيعة الظروف التي يتم فيها إلى نوعين: طرق عادية وطرق غير عادية.

المطلب الأول: الطرق العادية لإنهاء الدستور

    وهي الطريقة التي يكون فيها إلغاء الدستور وإنهاء العمل بأحكامه قد تما في هدوء ومن غير عنف ولا إكراه نتيجة استعمال القوة أو التلويح باستعمالها. وإنما قد يكون كل ما في الأمر أن السلطات تبادر عن طواعية إما من تلقاء نفسها أو بناء على دعوات توجه إليها لإنهاء الدستور القائم واستبداله بدستور جديد يؤمل فيه يكون أقرب من الآخر إلى مسايرة طموحات الشعب وآماله في الرقي والتطور.

المطلب الثاني: الطرق غير العادية لإنهاء الدستور

    يتم إنهاء الدستور بطريقة غير عادية حدوث ثورة أو إنقلاب.

أولا: الثورة

    يمكن تعريفها بأنها حدث جلل يتولى عادة التخطيط له والإشراف عليه قيادة مهيأة لاستلام زمام الحكم في البلاد في حالة نجاحها، ولأجل تحقيق ذلك تلجأ بما لها من وسائل إلى إثارة الشعب (أو معظمه) ضد النظام القائم لإسقاطه وتغييره تغييرا جذريا، وهذا كله بهدف إقامة نظام جديد في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية

وعليه، فالهدف من الثورة ليس تعديل أو إصلاح النظام القائم وإنما القضاء عليه وإحلال نظام آخر كبديل له.

ثانيا: الانقلاب 

    وهو عبارة عن عمل يقوم به ذوو النفوذ في السلطة، مدنية كانت أم عسكرية، لإجبار متولي الحكم (والجناح المحسوب عليه) على التنحي بشكل أو بآخر. وفي الواقع إن الانقلاب عادة ما يرتبط بالخيانة واستعمال الإكراه المستند إلى القوة بكل معانيها (قوة السلاح، قوة الحزب، قوة المال، قوة الإعلام، قوة التاريخ، قوة الدعم الخارجي...) وبالتالي، فالانقلاب لا يعتمد في بدايته ومضمونه على الشعب، وإن كان يعمل فيما بعد إلى محاولة كسب وده حتى يحظى بالشرعية، ومن ثم يتمكن القائمون به من البقاء في السلطة والاستمرار في ممارستها. وفيما يخص أثر الانقلاب في إنهاء الدستور القائم، فإن نجاح الانقلاب وعلى خلاف الثورة لا يؤدي بالضرورة إلى إسقاط الدستور وإنهاء العمل به، وإنما يتوقف الأمر على موقف الحكام الجدد منه.

خاتمة

    بعد هذه الدراسة الموجزة نخلص إلى القول أن طرق وضع الدستور الجزائري وتعديله وإنهائه كان من المفروض أن تخضع لإجراءات أكثر صرامة طالما أنها تمس بأسمى وثيقة في البلاد.

                تحميل دستور الجزائر لسنة 2020  pdf

                                     


    


    


    

    

    




ذات الصلة

لا توجد تعليقات حتى الآن "طرق وإجراءات وضع الدستور الجزائري تعديله وانهائه"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel